Saturday, August 15, 2020

قلعة هاول المتحركة ... الخوف من حربٍ تخلق وحوشاً








جئت اليوم للتعليق على فيلم الرائع "هايو ميازاكى" الشهير "قلعة هاول المتحركة" 2004 وهو فى واقع الأمر تحديث للرواية الإنجليزية حاملة الاسم ذاته لديانا واين جونز.إن ما جذبنى إلى هذا الفيلم بالذات هو أولا ألاعيب القدر وتدابيره لأن تمَّ إرجاء العمل إلى ما بعد الغزو الأمريكى للعراق الذي ادَّعَتْ الولايات المتحدة أنُّه للتنقيب عن مستقبل ديمقراطي جديد فى منطقة الشرق الأوسط؛ بينما هو _فى حقيقة الأمر_ احتكاراً منها هي وأتباعها المسوخ لهواء العالم وسمائه وأراضيه.

    ولعل الفيلم الأنيمشن قد وُفِقَ إلى غايته فى تبغيض صورة الحرب فى أعين مشاهديه؛ وذلك من خلال عرض مناظر المدينة المسالمة ولم يكن مسها السوء قُبُلا، ومنظرها أما وقد اقتحمتها الحرب بطبولها. يبدأُ الفيلمُ باستعراض احتفاليات ما قبل الحرب حيثُ الألوان المبهرجة والشرائط المتناثرة الملفوفة والأحاديث الشيقة عن المجد المنتظر والشرف القادم. ثمَّ لم تلبث القنابل والموت أن يحولا هذا المشهد بعدَ فترةٍ إلى صوانٍ هائلٍ حيث الدمار المستتب والضياع الشامل؛ والتمنِّي الجامع بأن تضع الحرب أوزارها.  

من ناحية أخرى، تمَّ الزجَّ بالبطل، الساحر هاول، والذي كانَ معروفاً بوسامته وقدرته على أسر قلب كل امرأة توقع أبصارها عليه، فى ويلات الحرب وأهوالها. ومن هنا، أُجبِرَ هذا الحرُّ الطليق الذي كانَ عصفوراً مغرداً على تحويل نفسه إلى وحشٍ _فعلي_ يستنزفه حتى الموت؛ ترضيةً لصراعات الملك السياسية وأعدائه التي لا دخل له _هو هاول_ ولا للشعب بها. إن الحرب لهى أمر سلطة وهيلمان وجبروت لا طاقة لنا _نحن الشعوب_ بها. على ذلك، فلابد من خوضها والمضاربة فيها بكل أسهمنا حتى الرمق الأخير!

فى نهايات الفيلم، أخبر الجن النارى _"كاسبر"_ الساحر "هاول": أنه يتحول ويتأذى فى سبيل ذلك، وقريبا لن يكون بمقدوره الرجوع إلى هيئته الوسيمة الجميلة وقلبه النقي الطيب، وسيبقى وحشاً مسخاً". لحظة واحدة، وتفكر بسيط: أليس ذلك ما تطمسه فينا المعارك والحروب حقا! هل يمكن لوهلة واحدة الجزم بأنَّ الشخص الذي يمسك السلاح ويقتل أينما يشاء _باسم الحرب_ سوف يعودُ إلى فطرته السليمة الرحيمة بعدَ أن تحطَّ الحرب نهايتها؟ مستحيل! هناك رواسب نفسية سوف تعلق؛ والله أعلم إلامَ تؤول هذه الرواسب فيما بعد.

    هذه كانت رسالة المخرج اليابانى إلى الولايات المتحدة الأمريكية. عبَّرَ عنها من خلال هذا الفيلم الذى كان على روعته وأناقته، غير محبوب فى القارة الأمريكية  ..


هستيريا .. من المجنون: نحنُ أم الظروف؟

 

اتفرجت من فترة على فيلم 'هستيريا' لأحمد زكي وعبلة كامل وشريف منير،

لأول مرة حاجة تحصللي زي كدا، اول مرة أتفاعل مع الابطال بطل بطل من أول 'زين .. أحمد زكي' وهو شاب فى عيلة معدمة لسة بيحاول انه يستبقي الأخلاق والقيم والذوق الرفيع فى عالم انعدمت فيه كل ده، بيحب يغني فى محطة مترو الأنفاق وفيه واحدة 'نهى العمروسي' أغني منه بمراحل وبتحبه أو بتحب وجوده فى حياتها وكل شوية تقنعه يجي يتجوزها، ابوها يمارس كل الوسائل لإذلاله وإشعاره أنه من طبقة متدنية جدا ..

و'وداد .. عبلة كامل' ، هذه الشخصية الفريدة من نوعها، للوهلة الأولي تفتكرها مجنونة وغريبة الاطوار، عفوية واللي على قلبها على لسانها .. هي مش مجنونة لكن الحياة وضغوطاتها هما اللي سببوا انها تفقد الرغبة فى الالتزام بالقواعد التعسفية فى المجتمع .. واحدة قربت تعنس وأختها مطلقة وعاوزة تتجوز جارهم المتجوز أساسا وبتعاملها زي ما تكون مجنونة على طول ومش طايقة وجودها فى البيت ..

شريف منير، أخو زين وضحية جديدة للتفرقة بين الأخوة .. كاره الفقر وكاره المبادىء اللي شايف انها سببت القهر له ولأهله وبيحاول يجيب فلوس بشتى الطرق حتى لو وصل به الأمر الي أنه يلبس لبس امرأة وكأنه فتاة ليل وياخد من الرجال فلوس وبعدين يطلع المطواة بتاعته ويهددهم انهم يفضلوا ساكتين ويهرب بالفلوس .. نصب يعني ..

اختهم الصغير 'ألفت إمام' اللي وقع حظها فى حب جارهم الافقر منهم المصوراتي الغلبان .. بقالها سبع سنين نفسها أخوها 'شريف منير' يرضى عن حبيبها لكن هيهات .. وفعلا الظروف مش بتتحسن،

'نهى العمروسي' هذه الغنية المدللة اللي كل اللي بتطلبه بيجيلها، كل شوية ابوها يجوزها حد هي مش بتحبه وتطلق وترجع تدور على زين عشان تقضي معه وقت لطيف وتاخده لابوها ويطردوه وهي تعبت من احتياجها لزين وهو مش هينفع يكون اكتر من صديق حميم بس.

لو فتحت فى وصف الشخصيات وظروفهم اللي مفيهاش أمل، مش هخلص،
قدر المؤلف انه يوصف شخصيات تبان من بره انهم فى حالة 'هستيريا' او جنون ... لكن لو ركزت معاهم شوية هتقدر تشوف المجتمع ممكن يوصل لإيه .. هما مش مجانين لكن العالم اللي هما فيه هو اللي مجنون،

الغريب بقى انه على قد عشقي للشخصيات كلهم بلا استثناء بتعقيداتهم وتفاصيلهم المجنونة، لكن وصلني إحساس ان المؤلف تعب من كتر ما أتقن رسم الشخصيات لدرجة انه نسي فى الآخر يعمل حبكة كويسة يربط الشخصيات دول كلهم ببعض ..

الفيلم ممتاز من ناحية رسم كل بطل او كل دور ثانوي، لكن هو ركز على أحمد زكي وأن كل واحد من دول فى النهاية بيتعامل معاه، بيأثر فيهم وبيتأثر بيهم .. وده من غير حبكة حقيقية تشد المشاهد ..
اول مرة أعشق الشخصيات لكن مش الحكاية، حكاية روتينية مملة، عبارة عن حياة معيشية بتتكون من مشاهد بعضها فكاهى وبعضها صادم لكن فى النهاية بدون أهم وصفة فى أي عمل درامي او أدبي .. الحبكة اللي بتفرق بين الحكاية وبين مجرد سرد ..
هستيريا، مغامرة غريبة وفريدة وشخصيات ثرية جدا لدرجة ان فيلم واحد مش مكفيهم بجد ..