النوفيلا: وللقدر رأي آخر،
الكاتبة: أسماء أحمد،
صادرة عن الدار المصرية السودانية، عام 2023،
عدد الصفحات: 77.
كُنتُ أبحثُ عن كتابٍ قصير أقرؤه فى وقتٍ سريع حتَى
أستعيد شغف القراءة من جديد، فوقعت يداي على هذه النوفيلا. فى الواقع هي نوفيلا
غريبة نوعًا ما،
أحبُّ الكتابات حولَ القرية المصرية الريفية، التي
تناقشُ هذه العلاقات المتقاربة والمشكلات الاجتماعية المتنوعة.
النوفيلا ببساطة عن القدر وألاعيبه وضرورة الرضا به وإلا
فإنَّ العواقب تكونُ مؤلمة.
ما جذبَ انتباهي هي آثار الابتلاءات على بعض الشخصيات
بحيثُ زلزلتهم وأخرجَتْ أسوأ ما فيهم. شخصية علياء على وجه الخصوص أثارَتْ رعبي،
وكيف حوَّلَها حرمانها من الإنجاب إلى هذه الشخصية القاسية لدرجة أن تتقبل ظلم
امرأة أخرى بل وموت ابن هذه المرأة.
أيضًا شخصية صفية لم تنل إعجابي بالدرجة الكبيرة، وذلك
لأنِّي أعتقدُ أنَّ ما فعلته عقب وفاة ابنها محمود كانَ فيه ما يشبه الاعتراض
بقضاء الله عز وجل. لا يمكن للإنسان كلما توفَّى له عزيز أن يوقف السعادة
ويحرِّمها على من حوله. يُعرف فى القرية المصرية مركزية دور الأم فى العائلة لدرجة
تتغلب على دور الأب. إلا أني رأيتُ فى صفية شخصية بها شىء من الاستبدادية فى
تعاملها مع زوجتيَّ ولديها، وزادَ الأمر بعدَ وفاة ابنها الأكبر.
أيضًا شخصية "هناء" –زوجة مصطفى- بدَتْ أيضًا
مخيفة بالنسبة إليَّ، إنها قادرة على إحالة حياة أرملة مسكينة إلى جحيم لمجرد
خوفها من أنْ تستولي على زوجها!
نوفيلا هادئة، ناقشَتْ عدة مسائل مشهورة فى القرية
المصرية: مركزية دور الأم فى العائلة، أزمة عدم إنجاب المرأة، ترمُّل المرأة
الشابة والتحديات التي تواجهها. كانَتْ النوفيلا قادرة على امتصاص الطاقة السلبية
من عقل المرء، تذكِّرُ القارىء بأنَّ الحياة ما هي إلا سلسلة من تدابير قدرية
ينبغي الرضا بها لينعم الإنسان بالراحة والاستقرار.
لغة النوفيلا جيدة جدًا، وإنْ كانَ التداخل بينَ
الشخصيات فى بعض الأحيان لم يكن مستساغًا، كمَا أنِّي لا أفضِّلُ تصوير بعض
الشخصيات –من قِبَل الراوي- أنَّها كالملاك الطاهر لأن ببساطة لا إنسان يتمتع
بصفات الملاك.
تعددَتْ شخصيات النوفيلا بشكل كبير، فهناك هدَى وابناها:
على وعمر؛ وهناك صفية وزوجها وأبنائها الأربع (مصطفى ومحمود ومحسن وياسمين)
وزوجاتهم (هناء ونجلاء) وابن عمهم وزوجتاه (علاء وعلياء وفادية)، وغيرهم. واستغربتُ
أنَّ الكاتبة استطاعت تربيط الخيوط جيدًا بينهم جميعًا ولو أنَّ كانَتْ هناك زلة
بسيطة فى التحولات الزمنية لم تؤثر على فهمي للأحداث.
فى النهاية، أعجبتني رغمَ أنَّ بها من الحزن الواقعي
الكثير... وأراحَتْ ذهني وهذا كانَ المرغوب فيه....
محبتي!