Saturday, July 5, 2025

عصر القرود (مصطفى محمود)

 



فى تجربة جديدة لي مع مصطفى محمود والتي لا يبدو أني سأشبع منه قط،

فإنُّهُ يدلفنا إلى محراب آخر مختلف وهي حداثة العصر الحديث وماديته فى مواجهة روحية الحب الإلهي وجماله الصافى.

سؤال مُهم هو ما طرحه مصطفى محمود فى الكتاب حول طبيعة العالم الذي نعيش فيه وبالأخص مفهوم "الحب" الذي تقدمه الأغنيات والأفلام الرومانسية والأشعار. جميعهم مزجوا ما بين الحب والشهوة على الاختلاف الكبير بينهما. فالحب ليس الشهوة، فبينما الشهوة مؤقتة، فالحب مستمر طاغٍ. وقد أكَّدَ على ذلك فى قوله أنَّ الشهوة ننساها سريعًا بينما مشاهد الحب فى حياتنا تبقى أبد الدهر. نحنُ يمكن أن نحب بلا شهوة وأن نشتهى بلا حب.

والحب الحقيقي هو ذاك المتوجه لصفات الله عز وجل فى خلقه، فنحب المرأة لأنها جليلة رحيمة شاكرة عطوف، مثلها مثل الرب الرحيم الجليل الشكور الرؤوف. غير ذلك، فهو أي شىء غير الحب، زائف مادي فانٍ كسائر المخلوقات التي ذكر الله عز وجل أن مصيرها هو الزوال.

أعجبني جدًا هذه الملحوظة أنَّ القرآن لم يذكر الحب أساسًا للعلاقة الشرعية المستمرة وإنما ذكرها فى قصة سيدنا يوسف حينما شغفته امرأة العزيز حبًا ولم يزدها الحب سوى جنون وتجبر. غير ذلك، فالمودة والرحمة -المستقاة من الله الودود الرحيم- هما أساس أي علاقة زوجية صحيحة.

يحمينا الله من الجهل والضلال واستعباد الشهوة بالحدود التي أرساها على الخطايا مثل خطيئة الزنا والعلاقات المحرمة.

فعلا إن وضع الشهوة اساس للعلاقة يجعلها علاقة هشة بلا فحوى، تنتهى بانتهاء الشهوة كمَا ذكرت هذه الممثلة الأجنبية أن أساس الحب عندها هي العلاقات الجسدية ثم تنظر فيما إن كانت ستتطور إلى علاقة أخرى أعمق. هذا المفهوم غير صحيح ويحطم المجتمعات.

سؤال مصطفى محمود عمَّا إن كُنَّا قد وصلنا أعتاب نهاية العالم سؤال غاية فى الأهمية، ولو أني لا ألومه لأنه لم يشهد الحاضر حيث يُقتل أطفال غزة سفاحًا وعدوانًا ولا يحرك القادة العرب -الذين كان يتفاخر بقفزتهم الاقتصادية- ساكنًا بل يصافحون الصهاينة كأنهم أحبائهم. لهذا لا أعتقد أنَّ النهاية ستأتي قريبًا اللهم إلا إذا تغلب العرب الشرفاء على القادة أولا قبل التوجه لإنجاء القدس من الأيادي النجسة.

كتاب مُهم وأدعو الجميع قراءته لفهم طبيعة العصر الذي نحن فيه، والتأكد من أن أساسياته رغم أنهم يروجون لها أنها أساس التحضر، ليست سوى أركان لعصر بدائي مُحطم، هو عصر القرود، ولا يسعنا التحرر منه سوَى بالعودة إلى الله الرحمن الذي لا نهتك أسرارنا سوَى إليه لرحمته ووده.

أعجبتني أيضا مسألة هتك السر، فالحب لا يقتضي هتك سر الماضى أو الأفكار بين الأحبة، هناك عورات تخبئتها تحلِّى الحبَّ وتزيده تذكية.


عائد إلى حيفا (غسان كنفاني)

 





هذه هي المرة الرابعة التي أقرأ لغسان كنفاني،

فقد قرأت قبلا رجال فى الشمس وأم سعد وجسر إلى الأبد، وها هي "عائد إلى حيفا".

فى نوفيلا لا تكادُ تتجاوز السبعين صفحة، بسط لنَا غسان سؤال هو الأهم على الإطلاق: "ما هو الوطن؟ وما هي أفضل السبل لاستعادته إذا ما انتُهكَ سفاحًا؟"

فى الوقت الذي كانَ خالد -ابن سعيد- يرغبُ فى الانضمام إلى فرقة المقاومة والفدائيين لفهمه أنَّ الوطن هو المكان الذي يحق له العيش فيه وأن استرداده لا يكون بنبش الماضى وإنما النظر للمستقبل وهدم ما تأسس، فكانَ سعيد وصفية ومثلهما فارس لا يفكران سوَى فى النظر إلى مقتنيات الماضى، وهذا الحنين الأجوف لأشياء لم تعد موجودة.

بين منظور واقعي يجسده خالد ورفاقه وكذلك الرجل الذي سكن بيتَ فارس محتفظًا بصورة أخيه بدر الشهيد، وبين منظور مثالي جسده سعيد وصفية وفارس، كانت نوفيلا "عائد إلى حيفا".

ربما أخطأ سعيد وصفية حينما نسيا ابنهما ولم يستطيعا أن يأخذاه معهما إلى المنفَى، ولكن هذا لا يبرر خطأ هذا الصغير الذي هويته هي "قضية" هو من يشكلها المفترض على أسس الحق والعدل،

جميلة عبارة غسان على لسان سعد أن الصهاينة يحبون دومًا استخدام لفظة "الخطأ يبرر الخطأ" لتبرير وجودهم على أرض ليست لهم؛ ثم يقولون "الخطأ لا ينبغي أن يبرر الخطأ" حتى يرفضوا مقاومة الفلسطينيين الذين يريدون استرجاع وطنهم بالقوة.

خلدون، والسؤال هو متَى سيعود لأحضانِ الحق، سؤال فى غاية الأهمية. وأعتقد أنَّ ضميره العربي الكائن بصدره، وهذه المحاضرة القوية التي استطاع سعيد أن يلقنها إياه، سيجعلانه يعيد التفكير فى كل شىء. فحجته لم تكن قائمة، ومع أول انتقاد لها على لسان صفية حينما قالت "نحن أخطأنا، ولكن هل يبرر ذلك ما تفعل؟" فقد انهارت الحجة على بكرة أبيها.

لم يكن ينبغي للاثنين أن يعودا إلى حيفا سوى على رؤوس جنود آتين للحرب ولاسترداد منزلهما وخلدون بالقوة والعنف.

ما أخذ منهما لم يكن هينًا، ولا يعيده نظرة أو زيارة، وإنما معركة حامية الوطيس.

نوفيلا كعادة غسان تطرح أسئلة أكثر مما تجيبهما، تغير منظورات أكثر مما تثبتها.

الإنسان قضية، فلينظر كل إنسان إلى قضيته ويتحراها بصدق وحق قبل كل شىء.


جريمة العقار (نهى داوود)

 


 


جريمة العقار 47 لنهى داوود،

.

.

.

.

هي روايتي الأولى التي أقرؤها لنهى داوود ولن تكون الأخيرة بأذن الله،

إنها عن الحب غير المشروط الواجب تقديمه من الآباء لأطفالهم وزوجاتهم،

صفاء لا تحتاج لأدوية ولا لانشغال ، وإنما تحتاج إلى دفء الزوج وصحبة الأبناء.

لقد من الله عليها بهذا التطبيق العجيب الذي لا أستبعد أم يظهر فى أي لحظة نظرا للثورات التكنولوجية التي نعيش اندلاعها الواحدة تلو الأخرى، ولكن هنا لم يكن نفع التطبيق تكنولوجيا وانما أنسانيا. فبسببه، صادقت صفاء ابنتها، وعرفت مآسي ابنها، ووضعت الاختبار الأخير لعلاقتها بفاضل زوجها.

سما، وما أدرانا بكيفية معالجة الانكسارات والهزائم العنيفة التي مرت بها خصوصا مع حملها. يدور السؤال حول مصيرها، وما إن كانت قد تعود لنقائها وسمو أخلاقها.

مرڤت، تستحق ما سيجري لها، لم يسترح لها قلبي فقد كانت السبب الرئيسي لما آلت إليه الأوضاع كلها.

الحاجة فوقية والتي تسكنها حكمة تداريها فى فضولها الأشبه بالتطفل، لكن قلبها الأبيض تغلب فى النهاية على سوء طباعها.

رواية انسانية قبل أن تكون بوليسية، ذكرتني قليلا برواية فتاة القطار لبولا هوكينز، ولكن بالتأكيد أفتخر أنها فى بيئة مصرية وأجواء مصرية.

شكرا نهى داوود على الوجبة اللذيذة التي التهمتها فى يوم وربع تقريبا 🤗



فتاة القطار (بولا هوكينز)

 






تحذير بالحرق 🤗🌷

.

.

.

.

.

.

.

أنهيتها،

كانت عن ثلاثة نسوة، كل منهن أخطأن، وتلقين العقاب،

تمنيت لو أن رايتشل تزوجت سكوت فى نهاية الرواية، لكن من يعلم، لعله يجيب رسالتها يومًا ويرتبطان.

ليس كل ظاهر حقيقي، فما الحياة البراقة التي كانت ريتشل تتخيلها وتسميها حياة جيسون وجس المثالية، بحقيقية... وما كان توم شخصا يستحق الحياة أصلا!

أبأس الصفات الكذاب، الذي انتهت عنده حيل العالم ولن يبق إلا حقارة الكذب والادعاء، لكم أخافتنى هذه الرواية حقا، ما الذي حدث بحق الله!!! كيف لشخص أن يكون مريضا نفسيا لهذه الدرجة....؟!

تمنيت لسكوت مصيرا أجمل من الوحدة والبؤس، أن يعرف أن هنالك دروبا أخرى يمكنه أن يعوض بها خسارته....

رواية جميلة جدا وإن كان بها تطويل أحيانا، وكذلك النهاية كان يمكن أن تصاغ بصورة أفضل....

محبتي لپولا هوكينز...!

 


الدكتورة هناء (ريم بسيوني)

 




الدكتورة هناء.... لريم بسيوني 🤗🌷

رواية غريبة لكني لم أكرهها...

هي أولى محطاتي مع ريم البسيوني ولا أعلم أن كان سيتكرر اللقاء مرة أخرى أم لا.....

الجميل فى الرواية أن الشخصيات واقعية، ليست مثالية ولم تأت من فراغ...

دكتورة هناء امرأة طيبة القلب، حنونة، عادلة، محبة، ضعيفة وهشة، والحق أنها تربت تربية مدللة وصارمة فى الوقت ذاته، ثم أبدت مشاعرها مرة مع رامي، قبل أن يصدمها بل يصفعها بقمة القسوة بكلمة "لا أنت لا تجرؤين على الحلم"... وهكذا جردها من أحلامها ولم يُبق لها إلا الواقع البائس بكل عمليته وحيادته...

رغبتها فى فقدان العذرية جاء نتيجة تفكير عقلي ومنطقي، وقد اعتادت على العقلانية والمنطق فى كل شىء، فى الواقع صراحتها ووضوح نواياها دائما هو انعكاس للنظرية الفيزيائية أن أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم...

خالد من الناحية الأخرى، نابع من بيئة مظلمة الطغيان والكلمة الأولى والأخيرة للرجل، هكذا تنشأ وعلمته أمه وأخته اللتين هما نتاج لهذه البئية الشاهدة على الغلبة الذكورية...

تصادم خالد وهناء كان دائما، وخاطفًا وبلا حل... صدقًا حتى نهاية الرواية لا أعرف من الصائب ومن المخطىء... كل منهما أصاب فى أمور أو على الأقل فعل سلوكيات تبررها عقدهم وآلامهم، وأخطأ فى أخرى...

ريم تركتنا فى سؤال وهو فيم أذنبت هناء؟

والحق أن على الرغم من أنها -هناء- كانت تسعى للحق والجمال، فالبلاد صارت فاسدة لدرجة أن طموحاتها تلك باتت فى أعين جميع الشخصيات الأخرى هراء ومثالية مبالغ فيها وغطرسة لا بد من قمعها...

لا أعرف حل الرواية، ولا مصير علاقتهما وأيهما سيتنازل للآخر فى النهاية، ولكن يكفيني أنها جعلتني أفكر فى حال البلاد عمومًا....

رواية غريبة، صادمة، جدلية ونقدية وتستحق وقفة!

 


خدعة الفلامنجو (نهلة كرم)

 



رواية خدعة الفلامنجو لنهلة كرم.

*"*

رواية لا تتجاوز المائة وثمانين صفحة، صادرة عن دار المصرية-اللبنانية للكاتبة نهلة كرم،

مع ذلك، فقد كانَتْ تتضمنُ أفضل تحليل نفسي للشخص السيكوباتي القادر على هدم الأخضر واليابس فى حياة امرأة فى ريعان شبابها،

الرواية تندرج ضمن فئة أدب الرسائل، حيثُ تسعى البطلة (التي ليس لها اسم) أنْ تستخرجَ قيح الصديد الذي صنعته لها علاقتها بخطيبها، من خلال مخاطبة صديقتها حولَ الأسباب التي أوصلتها إلى الانفصال،

لم يكن هذا هو العجيب فى الرواية وإنما الأسلوب الاستثنائي الذي اتبعته، وهو تشبيه كل موقف لهذا المجنون بطبيعة خاصة لحيوانٍ ما شاهدته فى فيلم من الأفلام الوثائقية المُذاعة على ناشيونال جيوغرافيك...!

بالفعل من لم يقرأ هذه الرواية قد فوَّتَ فرصة رائعة فى الغوص فى تحليل نفسي شديد العمق للشخصية المهووسة المريضة نفسيًا...

تقريبًا لم يكن لهذا الخطيب شيء لم يقم به فى تحطيم البطلة، لن أستطيع تعديد الأمور لأنها كثيرة، بل أكثر من اللازم، لكن العجيب أنها مكتوبة بصورة واقعية بحيث لا يمكن أن ينكر أحدٌ وجود مثل هذه الشخصية الطاغية!

خدعة الفلامنجو، فالفلامنجو حينما يدخل المياه، فإنُّهُ لا يضع قدميه الاثنتين فيه كيلا تختل درجة حرارته ويرفع ساق ويغمس أخرى فى أتون الماء، وبذلك يحفظ درجة حرارته معتدلة، هكذا كان الحل الذي قدمته الرواية للمقدمات على علاقات رسمية،

لا ينبغي للفتاة أن تغطس بكافة مشاعرها فى علاقتها بشخص ما ولا أن تعطي أحدًا الفرصة ليدعسَ ثقتها بنفسها...

لغة عربية ممتازة، لا تميل للتعقيد، لكنها أيضًا توفى بالغرض وبشدة،

كانت المرة الأولى للقائي بقلم نهلة كرم، ولا أظنُّ أبدًا أنها ستكون الأخيرة،

محبتي.... ❤

 


55 مشكلة حب (مصطفى محمود)

 




كتاب ٥٥ مشكلة حب، لدكتور مصطفى محمود 🌷🤗

حكايات وقصص إنسانية مع ردود مقنعة ومنطقية... كتاب جميل وأرشحه... تعلمت من خلاله الكثير رغم أني قرأته منذ حوالي ١٣ عاما.

ما زلت أتذكر قصة الفتاة الرقيقة المحبة لاسرتها، ذات السادسة عشرة ربيعًا، وهي تتساءل لماذا لا يوجد حب رغم انه سهل. ما زلت اتذكر انبهار مصطفى محمود بوداعتها ورفقها وحسن طابعها وهو يدعو لها الله ألا تتأذي أبدا من هذا العالم القاسي.

ما زلت أتذكر حكاية الرجل الذي قضى عمره كله عربيدا يطارح العاهرات الغرام حتى شاب ولم يبق معه إلا أكثر رفيقاته دمامة وقبحا. كان يقاسي من التعاسة، فنصحه مصطفى محمود أن يرتضي بمصيره الذي كتبه بيديه الاثنتين خلال سنوات شبابه التي أهدرها بلا أسرة ولا استقرار ولا تقوى.

ما زلت أتذكر الزوجة المسرفة التي تحب التدلل، والتي بات زوجها يسأم منها، فتسأل لماذا لا يشفق عليها زوجها أنها مهووسة تبضع. أتذكر رد مصطفى محمود أن الشفقة هي آخر شىء ينبغي أن تتمناها من زوجها لأنها تختلف كل الاختلاف عن الحب، إن الشفقة تأتى بعد تلاشي الحب.

وهناك الأم التي أحبت خطيب ابنتها، ووقعت معه فى الخطيئة والتي كتب عنها مصطفى محمود أنه لم يرَ أشنع منها هي وخطيب الابنة. وهناك الفتاة المقعدة التي أحبها شاب عبر الهاتف، وطلب لقائها وهي تخاف اللقيا حتى لا ينكشف سرها الحزين.

هناك المزيد من الحكايات التي لا تسعفنى الذاكرة فى استحضارها، لكن مؤكد جميع الحكايات كانت مهمة ومميزة وتستأهل القراءة والتأمل.

 


رحلة السمان (سحر توفيق)

 





رحلة السمان (رواية لسحر توفيق):

ملحوظة: المراجعة بها حرق، فوُجِبَ التنويه:

.

.

.

.

.

السمان، إنه يبدأ حياته ثم يطوف من الشمال للجنوب ثم يعود لعشه من جديد... لكن ماذا لو أن الإنسان بينما يعود إلى عشه، لم يجده ووجد مكانه حطاما، وخرابا، وتشوها؟

فأين له أن يستقر آنذاك؟ ومن يضمن له القدرة على بناء عش جديد ووطن جديد؟

بالطبع خلقنا الله عز وجل وأعطانا القدرة على التكيف، على ألا يكون الموت هو البديل الوحيد للوطن. لم يأمرنا الله بالاكتئاب ولا اليأس من روحه، وإنما العزيمة على الانكسار ثم الالتئام من جديد...

فى الرواية كان الموت هو الحل الرئيسي لحمد، بطل الرواية، حتى لو أنه لم يقدم عليه... إنه انتظره، وهذا كان كافيا...

الرواية عن منطقة نزلة السمان، حكايات وحواديت تذكرنا بحكايات ثلاثية نجيب محفوظ، بين الحياة والموت تكمن الرحلة....

عبده الفخراني، هذا الصعيدي طيب القلب، الأصيل، البسيط، الذي نال أجمل ما كان يتوقع لأن نيته كانت صافية وأحب زوجته... كان قطب الأصدقاء ومسند المحتاجين...

مجدي، هذا السويسي الذي افتقد وطنه بسبب الحرب، وتهدم بيته ليضطر الذهاب لبيت آخر فى النزلة، لقد أحب زوجته، هذه الساذجة طيبة القلب، أحبها حتى لو أنه لا يدرك ذلك... فمن أجلها طلق امرأتين أخرتين.. أشفقت عليه الحمل الثقيل مع أبنائه الأربعة ووفاة أمهم صغراء، ثم خلق حميه القاسي، مع ذلك فقد نجا، أجل، لقد نجا...

حمد وهو البطل الرئيسي، ابن تاجر الآثار، الذي يخادع نفسه. فى الحقيقة هو لم يحب أحدا، لا نعمة ولا ليلي ولا روزا. أصلا روزا أيضا لم تحبه ولم تحب مصر، حياته كانت كتلة من الخداع، حينما أزيل، عرف أن حياته لم تكن هناك أصلا، لقد زالت حياته المثالية التي كان يظنها، ولم يعد له وطن سوى الموت. شخصية غريبة ومأسوية بامتياز، وكانت النهاية أسطورية بحق!

يوسف وأميمة، لا أعرف مغزى الكاتبة من هذين الشخصين أبدا، وأعتبرهما نقطة ضعف الرواية الرئيسية، شخصيتين بلا هوية ولا دين، إنما لا يحبان بعض أصلا، فما هذا الحب الذي به ضرب وصفع وركل!!

فرحت حينما انتحر يوسف لأنها النهاية التي يستحقها، شخص بائس عديم الرحمة وعديم الحياء وعديم الأمل، كانت نهايته...

خميس، حزنت له جدا، لقد ضاع عقله تماما، وهذا نموذج مسكين رجل وحيد لم يجد أنيسا...!

الأستاذ عبد الستار، رجل شريد مثالي فى هذه الدنيا، لا أحب الشخصيات مثل هذه، التي ليس لها حياة ويطوف فى أحلامه، لا بأس بالجمع بين الأحلام والزواج والحياة الاجتماعية...

طبعا لا أؤمن بالحضرة وما إلى ذلك... وليس له أهمية فى الرواية... أيضا انزعجت لأسلوب الذهاب والإياب فى ترتيب أحداث الرواية، الرواية مشتتة جدا فيما يخص الزمن خصوصا فى بدايتها...

رواية غريبة، لا أستطيع القول أنها أعجبتني، لكن على الأقل أرتني جانبا آخر من الحياة وسجلت تطورات عدة فى شارع الهرم ونزلة السمان، فهي يمكن أن تكون رواية تسجيلية....

 


سنترال بارك (غيوم ميسو)

 



 

سنترال بارك (رواية لغيوم ميسو):

تحذير بالحرق

.

.

.

.

.

فى الواقع، إنَّ هذه الرواية لا يمكن كتابة مراجعة عنهَا سوَى من خلال حرق أحداثها،

لا أنكر أن طيلة ثلثيها الأوليين وأنا مشدودة إلى الكتاب، أريد أن ألتهم السطور وصولًا إلى حلِّ هذا اللغز الذي أربكني،

لكن... لا أعرف لماذا شعرت أنها فكرة عادية بعض الشىء، ذكرتني برواية "جزيرة شاتير" والتي تحولت لفيلم أسطوري بطولة ليناردو ديكابيرو،

كذلك السيناريو كانَ شديد التعقيد بحيث كان يحتاج للمزيد من الضبط والوقت.

مع ذلك، لا أستطيع إلا أن أحبَّ دفء الرواية ودفء جابريال كوين ودفء أليس شافر،

الفتاة عاشَتْ طيلة عمرها فى معاناة حقيقية ما بين كراهية أمها وأخويها لها وسخريتهم لها على الدوام، وما بين ابتعاد الأب وانكساره كقدوة فى عينيها وهي التي عاشَتْ تحتذي به وتفخر به وتنادي به وبمبادئه، عملها شديد الصعوبة، تعاني من أمراض ترهقها أغلب الوقت،

أحبَّتْ حبًا غير عاديًا لولا جرأتها ما حصلت عليه، ولكنه كان قصير الأمد حوالي سنة واحدة أو أكثر قليلًا.

وانتهى متمزقًا بأبشع التمزقات. طبعا تعلمت من تجربتها ألا تخاطر بمفردها فى شىء مرعب كهذا، لم يكن ليحدث شيئًا لو أنها تواصلت مع فرقتها ليوافوها ويقبضوا على إريك فوجن سويًا. كيف لها أن تكون بهذا الغرور وهي أصلا متعبة تعب الحمل، أن تتحمل مثل هذه المجازفة.

ما زلت أتخيل حياتها مع بول بعد هذه الحادثة، كان الأمر ليصير مأسويًا لأنه حتى لو سامحها، فهي لن تستطيع أبدًا أن تسامحه.

مع ذلك، أعرف أنها كانت مسكينة، وأنها لم تكن شديدة الأنانية، وتستحق فرصة!

فرحت أن أباها قتل إريك فوجن، فقد استحقَّ هذه النهاية الشنيعة وهي خير اقتصاص لما فعله فى ابنته وفى بنات كثيرات،

تألم قلبي لمرضها بالألزهايمر!

فى الواقع هذا المرض على وجه التحديد يخيفني؛ أن تتوارى ذكرياتك وتتساقط الواحدة تلو الأخرى تساقط الجنود والأسلحة فى لعبة الشطرنج حتى تصير الساحة فارغة.

أجل، الحمدلله أن غابريال كوين سيظل بجانبها، ومن يعلم، لعلها بالفعل تعيش ثلاثين أو أربعين سنة إضافية،

فى هذا العالم لا نعرف مقدار أثر يوم واحد إضافى نعيشه،

لعلها تكون نجمة أمل، لعلها تصبح أمًا لذرية صالحة، لعلها تكون مؤلفة تهدي العديدين لصراط مستقيم،

يكفى أنها ستعطي أملا لغابريال فى قضية ابنه،

رواية رقيقة لكنها كانت متوقعة نوعًا ما، أي لم أذهل منها،

مرت مرورًا كريمًا، أحببتها إلا أني أحببت رواية "وبعد" أكثر منها....!

ربما حتى الآن سأرتب محبتي لرواياته الثلاثة التي قرأتها على هذا النحو:

1- وبعد

2- سنترال بارك

3- انقذني

وفى انتظار أن تطول اللائحة بإذن الله

تقييم: ⭐⭐⭐⭐


الآن أفهم... أحمد خالد توفيق

 





الآن أفهم... أحمد خالد توفيق

هذه المجموعة القصصية المرعبة الأولى التي أقرؤها لدكتور أحمد خالد توفيق،

تجمعت فى هذه المجموعة ذات الصفحات القليلة نسبيا عددا مهول من الحكايات المرعبة،

منها ما يكون رعب نفسي نتيجة لمرض مثل قصة (فى انتظار التترات) و(الخامس من مايو)

أو القوى الغرائبية غير المفهومة مثل القصة الأولى (الدور الثالث شقة ٨)، وقصة (النظرة الثاقبة) والقصة الأخيرة (بعد الثانية صباحًا)،

أو الرعب الواقعي مثل قصة (طفق ينتظر) والتي أعادها توفيق فى روايته السنجة بشكل مؤلم، فأحيانا لا يكون الخيال هو الأكثر رعبًا...

أو رعب طبي، مثل قصة (التآكل) والتي بالفعل هي مؤذية نفسيا بوصف الوباء المرعب وهو رعب اتصل فى القصة برعب الفضاء،

أو الأرواح والأشباح مثل قصتي (بعد الثانية صباحًا) و(إنهم يأتون ليلا)، و(الجدار)

أو سفاحين ومصاصي دماء غير متخيلين مثل قصتي (عزبة الفولي) و(الفالوذج)،

وهناك الرعب المضحك كما قصة (الصفقة)، والتي أحببتها جدا وابتسمت أثناء قراءتها وأحببت نهايتها،

وهناك رعب المقابر والذي كان هنا واقعيا فى قصة (الآن أفهم).

ما أعيبه على المجموعة أن نهايات بعض القصص مبتورة، بحاجة للمزيد من الإيضاح كما قصة (الدور الثالث) وقصة (التآكل) وقصة (عزبة الفولي). لم ارض بهم وكنت فى انتظار توضيحا. فأغلب القصص تنتهى بنهايات صادمة وهو ما أتقبله لدواعي القصة وأستنتج ما جري، لكن القصص الثلاثة لم أشبع أبدا...

مع ذلك كتجربة، لم أبغضها وأظني سأكررها بكل تأكيد 🌷☺️💌