فى تجربة جديدة لي مع مصطفى محمود والتي لا يبدو أني سأشبع منه
قط،
فإنُّهُ يدلفنا إلى محراب آخر مختلف وهي حداثة العصر الحديث
وماديته فى مواجهة روحية الحب الإلهي وجماله الصافى.
سؤال مُهم هو ما طرحه مصطفى محمود فى الكتاب حول طبيعة العالم
الذي نعيش فيه وبالأخص مفهوم "الحب" الذي تقدمه الأغنيات والأفلام
الرومانسية والأشعار. جميعهم مزجوا ما بين الحب والشهوة على الاختلاف الكبير
بينهما. فالحب ليس الشهوة، فبينما الشهوة مؤقتة، فالحب مستمر طاغٍ. وقد أكَّدَ على
ذلك فى قوله أنَّ الشهوة ننساها سريعًا بينما مشاهد الحب فى حياتنا تبقى أبد
الدهر. نحنُ يمكن أن نحب بلا شهوة وأن نشتهى بلا حب.
والحب الحقيقي هو ذاك المتوجه لصفات الله عز وجل فى خلقه، فنحب
المرأة لأنها جليلة رحيمة شاكرة عطوف، مثلها مثل الرب الرحيم الجليل الشكور
الرؤوف. غير ذلك، فهو أي شىء غير الحب، زائف مادي فانٍ كسائر المخلوقات التي ذكر
الله عز وجل أن مصيرها هو الزوال.
أعجبني جدًا هذه الملحوظة أنَّ القرآن لم يذكر الحب أساسًا
للعلاقة الشرعية المستمرة وإنما ذكرها فى قصة سيدنا يوسف حينما شغفته امرأة العزيز
حبًا ولم يزدها الحب سوى جنون وتجبر. غير ذلك، فالمودة والرحمة -المستقاة من الله
الودود الرحيم- هما أساس أي علاقة زوجية صحيحة.
يحمينا الله من الجهل والضلال واستعباد الشهوة بالحدود التي
أرساها على الخطايا مثل خطيئة الزنا والعلاقات المحرمة.
فعلا إن وضع الشهوة اساس للعلاقة يجعلها علاقة هشة بلا فحوى،
تنتهى بانتهاء الشهوة كمَا ذكرت هذه الممثلة الأجنبية أن أساس الحب عندها هي
العلاقات الجسدية ثم تنظر فيما إن كانت ستتطور إلى علاقة أخرى أعمق. هذا المفهوم
غير صحيح ويحطم المجتمعات.
سؤال مصطفى محمود عمَّا إن كُنَّا قد وصلنا أعتاب نهاية العالم
سؤال غاية فى الأهمية، ولو أني لا ألومه لأنه لم يشهد الحاضر حيث يُقتل أطفال غزة
سفاحًا وعدوانًا ولا يحرك القادة العرب -الذين كان يتفاخر بقفزتهم الاقتصادية-
ساكنًا بل يصافحون الصهاينة كأنهم أحبائهم. لهذا لا أعتقد أنَّ النهاية ستأتي
قريبًا اللهم إلا إذا تغلب العرب الشرفاء على القادة أولا قبل التوجه لإنجاء القدس
من الأيادي النجسة.
كتاب مُهم وأدعو الجميع قراءته لفهم طبيعة العصر الذي نحن فيه،
والتأكد من أن أساسياته رغم أنهم يروجون لها أنها أساس التحضر، ليست سوى أركان
لعصر بدائي مُحطم، هو عصر القرود، ولا يسعنا التحرر منه سوَى بالعودة إلى الله
الرحمن الذي لا نهتك أسرارنا سوَى إليه لرحمته ووده.
أعجبتني أيضا مسألة هتك السر، فالحب لا يقتضي هتك سر الماضى أو
الأفكار بين الأحبة، هناك عورات تخبئتها تحلِّى الحبَّ وتزيده تذكية.
ممتاز .. استمري
ReplyDelete