Wednesday, May 28, 2025

حاضرني في المطر.. وفي المساء!




محاضرة في المطر لخوان بيورو،

والصادرة عن منشورات تكوين للنشر والتوزيع،

نوڤيلا لا تتجاوز الخمسين صفحة على تطبيق أبجد،

أنهيتها في قرابة الساعتين،

تبدأ النوڤيلا بالبطل، أمين مكتبة، وهو يبدو في محاضرة هامة، نسي بعض الأوراق فقرر الارتجال، والحق أن ارتجاله ذهب به إلى سرد حكايته الشخصية...

بدأ بالحديث عن المطر، باعتبار مطر الأفكار الذي ينهمر على الرؤوس وفي الرؤوس وأن منه يستهل كل إبداع...

رجل حالم، يحيا بين الكتب لدرجة اقتباسه للكثير من الجمل الفلسفية لوصف حالته، من بين أسطر الكتب والروايات...

تحدث مطولا عن قيمة المحاضرات ثم فجأة تسلل بنا إلى زوجته سوليداد، التي كانت تنفر من كتبه، وتتعثر في مكتبته ولا تصل لرفوفها من قصر قامتها... حتى تهرب يوما منه ولا يستطيع أن يجد لها أية أثر،

لكنه لم يكترث لرحيلها، فقد كان يخشاها لصوتها العالي وصراخها الدائم وكثرة انتقاداتها له وكان يدعها تصنع كل القواعد اتقاء لشرها...

ثم يلتقي بالمرأة الأخرى، لاورا، هذه التي يجدها في مكتبة، تطالع كتبا ثقيلة، كألف ليلة وليلة، يهيم بها وبثقافتها، ويرتحل معها في قصة عشق لا تخرج عن نطاق العلاقة الجسدية بينما تحتفظ هي لنفسها بكل شىء آخر، حتى اسمها بخلت بأن تخبره به... كلما سألها عما يخصها، أجابته ألا تهم معرفته وهي كذلك لم تحاول تعرف شيئا عنه وليعشا السعادة بجهليهما..

يقرر أنه واقع في غرام مجهولة حد الثمالة، لا يعرف عنها شيئا البتى ومع ذلك قلبه معلق بها...

يتتبعها يوما ليجد المفاجأة...

بعدها، تهديه مظلة وقط، برونو، وبذلك تنهي من طرفها كل علاقة معه... إنها علاقة متعة لا غير بالنسبة إليها...

وفي النهاية نعرف أن هذه المحاضرة لم تكن محاضرة وإنما لقاء شخصي بين البطل وبين طرف آخر مهم... في أمسية ممطرة...

في رؤيتي، أعتقد أن ما جرى لهذا البطل كان عقابا إلهيًا على ما فعله مع زوجته، ربما كانت شرسة، مفترسة ولكن السؤال هو ما الذي دفعها لأن تكون على هذه الهيئة؟

في مسلسل "زوجة مألوفة" الكوري للفنان چي سونج، طرحٌ لهذا السؤال والإجابة على لسان الزوج "أنا من جعلت منها وحشًا"... فالاهتمام يخلق روحًا شفيفة خفيفة، والتجاهل

يصنع وحشًا مخيفًا...

عاش بين الكتب، يحلم بقصة حب أدبية ملتهبة، فتغافل عن زوجته الواقعية متأملا أنها مؤقتة وسيجد حبًا أسطوريًا بعدها، اهملها حتى ذهبت وفرح لانفتاح الساحة في حياته للحب الذي انتظر... وجد لاورا تجسد البطلات الأدبيات، فظن أنها ستكوّن معه قصة عشق كالروايات والحكايات، فوجدها غادرة، كأحلامنا التي تصدمنا بالواقع في النهاية... فنفقد كل شئ في النهاية...

جاءت هذه العشيقة لتذيقه طعم التجاهل الذي سبق وأذاقه لزوجته الهاربة، فعرف منها مذاقًا كريهًا للامبالاة التي تجعل الطرق الآخر على صفيح ساخن ثم كالثلج في برودته...

أعرف أن النسوة اللاتي يعشن لمتعتهن يكن مقززات بالطبع، ولكني أراهنّ عقابا إلهيا لبعض الرجال الذين يظنون أنهم أسياد الأرض. ما زلت أتذكر تعليقًا على فيلم "أنف وثلاثة عيون" لمحمود ياسين وماجدة ونجلاء فتحي وميرڤت أمين، وأن الأخيرة (رحاب) التي كانت عبثية تعيش الحياة من أجل المتعة، كانت عقاب البطل على جرمه مع أمينة (التي لعبتها ماجدة)... فبعدما تجاهل حب أمينة الصادق ودفعها تجاهله للضياع، عشق امرأة قالت له نفس كلمته لأمينة "أنا مش بتاع جواز"....

فأذاقه الله ما أذاقه للآخرين...


No comments:

Post a Comment