Thursday, May 29, 2025

ناعومي وأخواتها وسؤال الهوية

 


رواية ناعومي وأخواتها،

بالمراجعة بعض الحرق،

.

.

لم تكن هذه الرواية هي أولَى مصادفاتي مع الباشمهندس هشام الخشن، بل كانَتْ الثانية آنذاك بعدمَا خُضتُ قبلها غمار روايته "حدثَ في برلين"، وبعدَها دلفت روايته "بالحبر الأزرق" التي بإذن الله أستطيع أن أكتب لها مراجعة أيضًا في القريب العاجل.

للأسف أيضًا مضَى وقت على قراءتي لها، لهذا سأحاول التعقيب على ما أتذكره بشدَّةٍ منها. فالرواية نفسية غير تاريخية وبذلك خرجَ المؤلف عن التصنيف الذي كُنتُ على وشك أن أصنفه به. على العكس مما سبق، فالرواية تناقشُ مرضًا غاية في الأهمية وهو الأشهر في الأفلام والمسلسلات وهو المرض الذي نسمِّيه "الانفصام في الشخصية" بينما اسمه الحقيقي "اضطراب الشخصية التفارقي".

طرحت الرواية السؤال الأهم في الطب النفسي، ما إذا كانَ من الممكن للطبيب أن ينخدِع بمريضته؟ عاشَ الطبيب -الذي للأسف لا أتذكر اسمه- شهورًا طويلة، بعدَ لقائه بنعيمة في المصحَّة النفسية التي زجَّ بها زوجُها إليها، يستمعُ إليها، وإلى الشخصيات الثلاث التي تسكُنُها: نعيمة ونعمات "تقريبًا" وناعومي. كل منهم ذات سِمْت معيَّن. كل منهم تحكي له حكاية عن هذه المرأة التي تبدو من خارجها شديدة الاتزان. نعرف من حكاياتهنَّ أنَّ نعيمة عانَتْ من حياة مريرة ابتداءً بأمِّها التي كانَتْ لا تفضلها البتَّة، وتنتقدُ كل سلوك من سلوكياتها، وأنها تعرضت لتجربة "الختان" المؤلمة، وأنها لم تكن تستطيع التوفيق بينَ صفات أمِّها الأرستقراطية -المتناقضة- وبينَ عائلة أبيها "البلدي".

عششت هذه الحالة في رأسِ طبيبها لفترة طويلة، حتَى لم يعد يستطيع استخراجها قطِّ. كل يوم هو معها في شأنٍ عظيم. وقد نجحَ هشام الخشن في الغوص في أسرارها.

وحتى مع كلمة النهاية، وبعدمَا قرر أنها امرأة مريضة كانَـْت بحق تستحق العلاج، يجدُ أنَّ القدر قد انتقمَ لها من زوجِها وأخيها بذات الانتقام الذي سبق للشخصيات بداخلها أن توحي إليه به. فيبقَى السؤال: أكانَتْ نعيمة مريضة حقا؟ وهو لم تكن مريضة، فكيف للطبيب ألا يكتشف ذاك؟ ولو كانَتْ مريضة، كيف للقدر أن يحالفها لهذه الدرجة؟

رواية ملأت رأسي بالأسئلة، والشجن، والاقتناع بأنَّ أيًّا ما كانَتْ نعيمة مريضة أم غير مريضة، فهي تستأهل أن تنتقمَ ممن غبنَ حقها. وإن كنت بعد قراءتها قد شعرت أنَّ هشام الخشن لديه تمكن أكبر في كتابة الروايات التاريخية الرومانسية عن الروايات النفسية ذات الألغاز والإثارة.

التقييم: 3.5/5

 

No comments:

Post a Comment