Thursday, May 29, 2025

دابليو: عندمَا يتحقق حلم المؤلفين

 




مسلسل دابليو: عالمان،

الحق أن هذا المسلسل الآية المثالية في الفانتازيا، قد استطاع أن يحصد اهتمامي منذ اليوم الأول بالسؤال الذي نطرحه، نحن المؤلفون، مرارًا في ضرب من العبثية:

'ماذا لو دبت الروح في شخصية روائية من رواياتنا'؟

كإنجي، ماذا لو أصبحت شيرين الغادي أو حمزة الحديني أو نيللي محمود أو عامر سلام أو غيرهم إنسانا حقيقيا من لحم ودم!

ماذا لو كان باستطاعتي أن أزلف من عالمهم، وأن أراهم إزاءي يعيشون ويتنفسون؟

الفكرة جنونية وبها عبثية غير طبيعية حينما شاهدتها مكتوبة. فالبطل هنا، كانج تشول لم يسعد عندما عرف أنه مجرد شخصية كارتونية، وكذلك أبو البطلة الذي هو كاتب السلسلة الروائية لم يسعد بمسألة أنه كتب عالمًا حقيقيًا وإنما تدور فكرة المسلسل حول صراعهما ورغبة الكاتب في قتل هذا المسخ الذي ابتدعه بينما البطل يصارع لكي يحيا وهو يصرخ أن ليس من حق المؤلف أن يقرر بدء كتابة شخصية ثم القضاء عليها..

كما أخبركم هي فكرة هزلية ومليئة بالأسئلة الفلسفية والخطرة إذا ما اعتبرناها إسقاط على علاقة الإنسان بربه... (ليس من حقك أيها الإله أن تتحكم في مصيرنا لمجرد إنك من خلقتنا من عدم).

لم يذكرها المسلسل صراحة لأكون صادقة، ولكن أحيانا أخذني تفكيري الفلسفي الذي لا أفارقه إلى تصور الحبكة بهذه الصورة والكارثة أني كنت أراها مطبقة جيدا آنذاك!

مع ذلك، وطالما أنهم لم يذكروا الأمر بهذا الاعتراض والفجاجة، آثرت الإبقاء على فكرتهم في إطارها الفانتازي، وعشت أجمل لحظات بين كانج تشول وتخبطاته، وحبه للمرأة الوحيدة التي جاءت من عالم الكاتب لكي تنقذه من كل محاولة قتل شنيعة كان الكاتب يفتعلها للقضاء عليه...

الحق أن شخصية كانج تشول كتبها الكاتب لتكون بطولية صارمة تفكيرها عقلي ومنطقي لا عاطفي، ثم نجدها مع الأحداث وفهمه لكونه مجرد خيط في يد الكاتب، يتمرد وتتحول شخصيته لأخرى مليئة بالأحاسيس والمشاعر مع هذا البطلة الرقيقة التي دخلت في أحداث صراعية تفوقها قدرة...

الكاتب على مدار المسلسل وهو أبو البطلة (أو يون جو) -نائبة قسم الجراحة والمشجعة الأولى لسلسلة دابليو الروائية- كان منذ طفولتها، كريها، مدمنا للخمر، فاشلا، مكتئبا، لا يوفر لابنته الرومانسية الحالمة أمانًا ولا دفئًا...

نعرف أنها هي أول من رسمت كانج تشول في كراستها، بطلا في الرماية، لتعيش معه أحلام مراهقتها في وسط خلافات والديها التي بلا أمل في الانصلاح...

هذا كله على خلاف كانج تشول الذي كان يحفها باهتمام ورعاية وتدليل لأنوثتها وأحلامها...

أعتقد أن كانج تشول نال الحياة والتمرد والروح منها هي، فهي على خلاف أبيها، تريد الحياة، وهكذا كان كانج تشول... وها هي مثلما كان هو فكرتها، تحتم عليها قدرًا أن تكون هي من تتولى عملية إنقاذه كلما صار على الحافة... وهكذا كان من الطبيعي أن تتحول مشاعره جهتها من توجس وتعلق مصالحي، إلى حب حقيقي...

هذا خاصة وأنه حاول إقصاءها من حياته لينأى بها عن تعقيداته، ولكن كل شىء كان يعود بهما للالتقاء من جديد في دلالة لالتحام مصيرهما...

لن أحرق النهاية ولكنها أرضتني تمامًا، فالأب أخيرا فعل شيئا وحيدًا جيدًا لهذه الابنة، وقدم لها هدية ثمينة... ولن أخبركم ما هي...

من المسلسلات التي قد تكون مليئة بالمغالطات المنطقية، كعهد أغلب الأعمال الفانتازية، لكنها أعجبتني كثيرًا بقسة الحب غير المتوقعة، والتي انتهت نهاية أحببتها كثيرًا... صورة المسلسل نقية والرثم متسارع والتشويق عال...

ربما لن يحبه الجميع، ولكن مؤكد محبي الكتب والروايات سواء المؤلفين أو القراء، سيحبونه جدا ☺️😍

 

No comments:

Post a Comment