Tuesday, May 14, 2024

كيغار، والغرق فى البئر من أجل الحياة!

 





هذه هي الرواية الثانية التي يتسنَّى لي قراءتها لمُنَى سلامة، 

ومما فهمته من مقدمتها أنَّها أولى رواياتها الورقية، فهنيئًا لها.

أسلوبها اللغوي فى بعض الأحيان أشعر به شديد البساطة، مقارنة بأسلوبها فى رواية "عناق برائحة الورق"، ولكن سرعان ما تثبتني بعبارة أو جملة مليئة بالشعر خصوصا فى وصف واحة سيوة أو فى وصف محبة "وعد" لرؤوف!

حسنًا، لا أستطيع القول أنَّ الرواية أثارت اي نوع من الانتقاد بداخلي، عدَا بالطبع أني على علم بأن الكاتبة منتقبة، ولهذا كان بديهيًا ان تزين النقاب فى أعين القراء، ولكني لستُ منتقبة ومكتفية بالحجاب المحتشم غير المشف ولا الواصف، ولا أرى أي داع للنقاب أو لإخفاء الوجه عن الناس!

ولكن هذا اختلاف لا يمكن اعتباره انتقادًا أدبيًا وإنما اختلافًا فى وجهات النظر لا يفسد للود قضية،

حزنت بشكل غير موصوف أن دُنيا انتحرت ولم أرَ أي مبرر لهذا، فالفتاة ضحية طيلة عمرها، ولا أظن أن موتها كافرةً له أي مغزَى، كان يمكن جدًا أن تموت وحدها بالسكتة القلبية من كثرة خوفها من الخروج من السجن والعيش وسط حياة لم تعد تتآلف معها. إن السكتة القلبية ليس لها سبب ومنتشرة وكانت ستؤثر فى وعد أيضا، خصوصا أنها كانت تنتظرها بشق الأنفس لتخرج لتؤانسها فى وحدتها!

أحببتُ جدًا حل لغز بئر كيغار والحورية، فقد ظننت لبعض الوقت أن الرواية فانتازيا وتستخدم هذه الآليات طبيعيًا، 

لكن فرحت من أن الأمر كان شيئًا من الذهان الذي كان نتيجة طبيعية لما قاسته الفتاة!

تذكرني فكرة الرواية قليلًا بقصة كورية سمعتها فى مسلسل درامي بعنوان "لا بأس ألا تكون بخير"، كانت عن فتَى أرادَ ألا يتألم ابدًا، وحصل على ما أراد من خلال عقد مع جنية/عفريت، ولكنه لم يشعر بأي سعادة، حتى جاء موعد حصد الجنية لروحه لإتمام العقد، فلامها أنه لم يكن سعيدًا، فأجابته أن لولا الألم الذي لم يعد يريده ذاك، فالسعادة لا يكون لها طعمًا!

هكذا وعد لن تستشعر يومًا سعادتها إلا بذكرياتها التي شكلَّت هويتها وجعلتها على ما صارَتْ عليه!

انتهت الرواية نهاية مرضية جدًا، خصوصا أني لم أكن سعيدة أبدًا بفكرة أن تتخلى عن حلم كلية الطب من أجل الاكتفاء بالزواج فى الواحة وتعليم الفتيات الرسم، فهي لم تتعلم كل هذه السنوات من أجل هذا الأمر!

استخدامها لمال دُنيا فى الخير، اصطحابها لأم مرزوق لتحيا معها، إرسالها لدفترها لأبيها الذي عرف مقدار الجرم الذي ارتكبه فى حقها، كلها أمور رائعة!

لم يكن سمير يليق بها يومًا، وإن لم ألمها أبدًا على إطلاعه على أسرارها له، إنها لم تخطىء، لكن للأسف الرحماء قليلون فى هذا العصر!

أتمنَّى أن تكون هايدي وأبويها سعداء الآن، ولو أني متأكدة أن حياة هذه الفتاة جحيمًا بشكل أو بآخر!

أحببتُ كل مشاهد الواحة والمعلومات عنها، والتي سُردت بصورة تلقائية عفوية محببة للنفس، كما أن مشاهد الطعام جعلتني أتضور جوعًا! 

أتمنَّى الذهاب يومًا للجنة المفقودة، والالتقاء بأناس طيبي القلب والانتعاش بالطبيعة الغنَّاء،

أشكرك مُنى على الرواية، فقد كانت جرعة مكثفة من الأمل برحمة الله عز وجل!

وبالفعل هي واقعية لكن ليس بصورة مقيتة، فقد تألمت لمشاهد الرواية فى "حِكر أبو دومة"، وتنمر الفتيات بها، واضطرار زياد للابتعاد دون العودة -ولو أني ألومه على تعشيم الأم وابنتها هكذا وتركهما بلا ممهدات-، ومشاهد السجن كانت قاسية ولكن مُحتملة ولله الحمد بتسخير الله للفتاة من يعاونونها على قضاء هذه الأيام العصيبة!

رواية جميلة ولم أندم علي قراءتها أبدًا،

شكرًا لكِ شكرًا جزيلا وبإذن الله لن تكون الرواية الأخيرة التي أقرأها لكِ.... :> 

No comments:

Post a Comment