هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها لعمرو عبد الحميد رغمَ شهرة هذه الرواية، وفى الواقع قرأتها بترشيح صديقة لي، وكُنتُ متخوفة بسبب اختلاف الآراء الهائل حولها.
الرواية من ناحية اللغة بسيطة، لن أقول ركيكة ولكنها بسيطة وتخلو من المفردات العسيرة، وهو ما يفيد القارىء المبتدىء أو القارىء الذي يبحث عن فسحة بينَ كتابين معقدين ذوي لغة قويمة رصينة، وبصراحة هذا ما كُنتُ أبحث عنه بالفعل.
من ناحية الحكاية والفكرة، فقد أعجبتني بشدة، من ناحية البحث عن البطولة من أجل الشعور بالذات بعدمَا فرضَتْ الظروف على خالد الإحساس بالقلة والدونية سواء برفض والد حبيبته به لثماني مرات أو بعدم إيجاده لعمل يناسب مؤهلاته الدراسية بل وعمله بوظيفة تحط من قدره بشكل كبير.
ثمَّ وصوله لأرض زيكولا والتي لم أحبها أبدًا، إنَّها بلدة خيالية تعيش على مقدار الذكاء لأن كل عام يقام احتفال يُذبح فيه الأقل ذكاءً.
وقد أوضحَتْ الرواية تأثير هذا النظام الغريب على الشعب نفسه؛ فالشعب لم يعد يريد التفكير كيلا يقل ذكاؤه ولا يريد مساعدة الغير سوَى بمقابل. خلقت الزيكولا شعبًا أنانيًا فرديًا لا يعرف معنَى الإيثار أو الأخلاق. ولكم تأثرت بحال "هلال" الذي قتل والد خالد حتَى يرثه. إنها حالة شديدة الوضاعة والحطة.
أسيل، أحببتُ رقتها ورقيها؛ لكم تمنيتُ لو أنهما يلتقيان فى النهاية ولكنهما حقا من عالمين مختلفين. والسؤال كانَ هل فعلا لم يكن ممكنًا له أن يصطحبها معه إلى عالمه؟ وهنا نعود لنتذكر مُنى التي لم تذنب أي ذنب فيما فعله أبوها، فلماذا ينساها خالد؟
نظام زيكولا نظام ظالم وليس به ذرة حياة وأستغرب السبب وراء رغبة خالد فى النهاية لأن يرافق منى إلى هنالك مرة أخرى. لا يمكن للمرء أن يعيش حياته بأكملها خائفًا من أن يكون الأقل ذكاء فيُذبح.
ترابط الأحداث مُذهل حقا، ما بينَ معرفته عن الكتاب الأغلى فى زيكولا "عن سرداب فوريك" وبحثه عنه؛ والتقاءه بأصناف مختلفة من البشر؛ ثمَّ معرفة مكانه ومحاولة جمع ثمنه لشراءه من أخيه؛ ثمَّ اللغز ومحاولة فكّ طلاسمه؛ ثمَّ دفعه لوحدات ذكاء هائلة فى سبيل ذلك جعلته الأفقر؛ ثم معاناته نحوَ الذبح فى يوم زيكولا (الذي اقترب أولا لحمل الملكة ثم اقترب أكثر لولادتها المبكرة) ثمَّ تدخل أسيل النهائي ومصيرها الحزين كي تستطيع إنقاذه، بل وتدخل أهل القرية أنفسهم ممن ساعدهم هو من قبل ليؤكد أن الإعانة والمساعدة لا تكون أبدًا بلا مقابل.
عنصر المفاجأة كان مستمرًا طيلة الرواية وحتى الكلمات الأخيرة.
للأسف فعلا لن يستطيع إخبار أحد بهذه المغامرة ولا بما جرَى لوالديه المسكينين ولا لأخيه الجاحد، فلسوف ينعته الجميع آنذاك بالمجنون.
سمعتُ من الكاتب يومًا أن هذا السرداب موجود بالفعل فى قريته؛ ولكم سُعدت من قدرته على حياكة هذه الحبكة الرائعة من هذه التفصيلة البسيطة.
أعجبتني الرواية وأراحت رأسي خصوصا وأني كُنتُ أسمعها لا أقرؤها، فكانت تنساب أحداثها فى رأسي بهدوء وسلاسة.
فشكرًا جزيلا د.عمرو عبد الحميد.
No comments:
Post a Comment