Thursday, May 16, 2024

أماريتا، وعظمة الملك تميم

 





وهذه كانت الرواية الثانية التي أقرؤها لعمرو عبد الحميد وهي الجزء الثاني من رواية أرض زيكولا،
يستمر التشويق وتستمر الحكمة التي يبتغي الكاتب إيصالها للقراء ألا وهي أن القدر حلقات متصلة ببعضها البعض، إذا انتزعت حلقة، تغير كل شىء، إنه تأثير الفراشة أيها السادة.
هنا، نستكمل الحكاية ونعرف أن وجود خالد لهذه الشهور ومساعيه للرجوع إلى وطنه وقرار أسيل بأن تفتديه بنفسها وتلثمه أثمن لثمة فى تاريخ زيكولا فارة بعدها، عرفنا أنها لم تكن النهاية وإنما الفتيل الذي أشعل سلسلة لا متناهية من الأحداث أدت إلى اندلاع حرب عظيمة بين زيكولا وأماريتا، وتحرير آلاف مؤلفة من العبيد المخطوفين باسم "اتفاقية دفع الديون بالعبيد".
لا أعرف من أين أبدأ ولا من أين أنتهى، يكفى أن أقول أنى أنهيت هذه الرواية فى غضون يومين لا أكثر!
كل لحظة هي أكثر إدهاشًا من اللحظة السابقة، حتى تصاعدت الدهشة عاليًا لحدودها القصوى مع الصفحات الأخيرة.
بالفعل خالد حائر بين حب هز كيانه وهو حب أسيل؛ وحب تقبله لأنه هو قدره وهو حب منى. فى الواقع شعرت بالأسف عليه لا سيما وأن أحدا من الثلاثة لم يخطىء، إنها الظروف بحذافيرها التي تضع الخيارات وتختار أحيانا بالنيابة عنّا.
الملك تميم، لم يسبق أن أحببت شخص فى رواية فانتازيا كما أحببته، إنه النبل والعدالة متجسدة فى هيئة إنسان. ذكي، فطين، نبيه، قوي، عاشق من الدرجة الأولى. فرحت باللقطة الأخيرة فى الرواية وقد قررت أسيل تقبل قلبه وعشقه بالإبحار إليه جنوبا. لعلها أحبت خالد، ودفعت الغالي والرخيص فى سبيل هذا الحب، ولكن الحياة فاجأتها بحب لن تجد له نظيرا، وهو حب ملك قرر المجازفة بكل شىء فى سبيل أن تتحقق لها العدالة.
يامن، والذي حزنت حقا لوفاته وقد كاد يبدأ حياة نظيفة مع نادين، هذه التي أثبتت فى مواقف عدة أن معدنها أصيل وطاهر، وها هي حتى بعد موته قد تمكنت من العيش حياة مباركة بلا رذيلة.
الكابتن سيمور، حكايته وحياته البائسة، والتي اعتدلت على يدي أسيل التي قررت فجأة أنها لن تعود لزيكولا لتلقي حتفها وستغامر بادعاء أنها من فقراء بچانة وتتجه معهم إلى أماريتا كي تنزل ضيفة على هذا العجوز النبيل فقط كي تخرجه من ضيقه إلى فرج واسع. يا إلهي، يعجبني فى الرواية هذا الترابط الفظيع بين كل موقف وآخر بلوغا لنهاية الرواية.
حتى الجثث المتآكلة فى سرداب فوريك عرفنا هويتهم وأسباب موتهم هناك....
كل جزء موصوف ببراعة خصوصا أجزاء الحرب والبحث عن الباب الآخر لزيكولا ثم العثور على هؤلاء العبيد المساكين منحولين وقد امتص ذكاؤهم تماما.
لا أحب أرض زيكولا وكنت أرجو لو يغير تميم قانونها الذي يقضى بالتعامل بوحدات الذكاء، فهذا ليس عادلا للأهالي قبل أن يكون لأي أحد آخر.
ولله الحمد، بفضل خطوات أسيل العجيبة، لاقت قمر حبببها فى النهاية لتعيش معه هانئة البال.
ضحكت عندما حضرت نادين للمسجد ولاقاها المصلون بالصدمة، ألا يوجد دين فى زيكولا؟
روايتان مختلفتان بحق، ولا أعرف إذا كنت سأستطيع قراءة الجزء الثالث عاجلا أم آجلا. ولكنى أشعر أنى اكتفيت من القصة وأنها مكتملة. فخالد لن ينسى أسبل، ولكن صارت لديه عائلة عليه أن يرعاها ويحبها كما ترعاه وتحبه، سيبقي نجم أسيل شاهد على هذا الحب المستحيل.
أماريتا، أحبك من أجل حاكمك العادل المنصت الأمين، ملك نتمنى جميعا لو حكمنا ظفره. كنت أتصور جرير يكاد يجن بسبب تصرف تميم بإعلان الحرب، وما زلت أشعر أنه كان مجازفا من الطراز العالي فى هذا الموقف، ومع ذلك جزء بداخلي يشفع له خصوصا وأنه أنقذ الآلاف بفعلته ومؤكد أنه لم يكن ليكون واثقا من قراره سوى عندما شاهد استعدادات زيكولا وعرف أنها ليست بالقوة التي تدعيها.
رواية فانتازيا ولكن تجمع الرومانسية والسياسة والفنون العسكرية أيضا. فشكرا جزيلا.

No comments:

Post a Comment