Tuesday, May 14, 2024

أم القرى وفتور الحضارة الإسلامية

 




كتاب مختلف عمَّا قرأتُهُ من قبل،

استطاعَ أن يحفز رأسي على التفكير مع هؤلاء العلماء المحتارين حول السبب الرئيسي لتخلف المسلمين وحضارتهم فى مواجهة الحضارة الغربية،

ولم يكن ساذجًا بقصر الأسباب على فئة واحدة وإنما أكَّدَ فى مواضع شتَى على تضافر عدة فئات من الأسباب على تفاقم هذه الأزمة الهائلة،

لم يرجح الأسباب الدينية وحدها أو الأسباب السياسية أو الأسباب الأخلاقية، وإنما الثلاثة سويًا بما يؤيد تفاعل هذه الفئات وتأثيرها المتبادل على بعضها البعض. 

لأفكار الكتاب ترتيب منطقي يبدأ بكيفية لقاء العلماء المسلمين من مناحي بلاد المسلمين المتعددة،

ثم تنظيم الاجتماعات وكيفية اختيار الرئيس،

ثم البدء فى الجلسات، 

ثم تلخيص ما توصلت إليه الجلسات،

ثم تلخيص آخر من الشيخ الفراتي (الكواكبي)، مع إضافة أسباب أخرى يراهَا وحده،

ثمَّ انبثاق التنظيم الإداري لمؤسسة أم القرى التي ستتكفل بتطبيق الحلول التي توصلت إليها الجلسات،

وقد أوردها الكواكبي تمامًا كأي عقدٍ على هيئة بنودٍ وأحكامٍ، ثم لم ينسَ التأكيد على سلمية المؤسسة علمًا بخطورتها فى سياقهم المدجج بالاستبداد والمؤامرات والدسائس، وأنها تتنافى مع كل عنفٍ. 

ثم لم ينتهِ الكتاب إلا بعدَ وصول الفراتي رسالة من الحكيم الهندي العالم، وقد استشار "سياسيًا" مخضرمًا، وهو أحد أمراء أمته، فى ما توصلت إليه الجلسات.

فى الحوار النهائي ذاك بالإضافة إلى رأي سياسي قادر على تقييم حُكم العثمانيين ومدَى تطبيقهم للدين فى السلطنة، إبداء من الكواكبي لأهم الانتقادات المُحتمل توجهيها لكتابه وسجلات الجلسات ثم تفنيد كل انتقاد على حدَا على لسان هذا الأمير الهندي الغيُّور على النهضة الإسلامية، المراعي لصعوبة ما دبره الشيخ الفراتي من جمع العلماء لمعرفة أسباب علة دينهم وحضارتهم.

كتاب كامل مُتكامل، يعيبه فحسب إيمانه الشديد فى قدرة العرب على أن يرجعوا النهضة الإسلامية بدلا من الترك، وإن كان ذلك مفهومًا بالنظر إلى سياق الكواكبي وكراهيته للعثمانيين خصوصا عبد الحميد الثاني، بالإضافة إلى فقر وشظف عيش العرب فى الجزيرة آنذاك ولم يكونوا قد اكتشفوا بعد النفط وبنوا حضارتهم التي أراها أبعد ما تكون عن الإسلام. 

عبد الرحمن الكواكبي طفرة، ولن يتكرر إلا أن يشاء الله.

No comments:

Post a Comment